الجمعة، 3 أبريل 2020

مواطن موريتاني يتحدث عن الأجواء الرمضانية في مصر

                   
                   



ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏محمد الشنقيطي‏‏، ‏‏‏نظارة‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏




الحديث عن طبيعة أجواء شهر رمضان في جمهورية مصر العربية هو حديث ذو شجون يلامس فيه المرء عبق أصالة مصر التاريخية وروح النظام الإلهي الذي ارتضاها وخصصها لهذا الشهر الكريم.
ففي مصر الكل يدخل في أجواء هذا الشهر الكريم قبل أن يدخل الشهر نفسه، حيث أنه قبل حلول هذا الشهر يلاحظ المرء أن كل شوارع مصر وأزقتها الضيقة والرحبة قد ألبست (بضم الهمزة)  لبوسا جديدا يلائم مكانة ضيفها (أعني شهر رمضان)، لبوسا امتزج فيه الورع بالأناقة والتاريخ.


وربما لأني أنحدر من مجتمعات لا تقدر الجمال الخارجي بقدر تقديرها للجمال الداخلي ؛ فقد كنت أستهجن في بادئ الأمر الكثير من المظاهر والظواهر الشكلية التي يتم بها استقبال هذا الشهر الكريم،  ولكن ما إن تعمقت في المجتمع المصري وعايشته عن قرب حتى تفهمت واستوعبت فلسفة هذه المظاهر التي كانت تغيب عن خاطري. 
فمثلا مسألة تزيين واجهات المنازل بالفوانيس قبل قدوم هذا الشهر الكريم هي من الأمور الجميلة والرائعة التي تفرد بها المجتمع المصري عن غيرة،  بل تذكر بعض الروايات التاريخية أن هذه العادة تمتد جذورها إلى الدولة الفاطمية التي حكمت مصر برهة من الزمن.


كذلك أيضا من ضمن الأمور والمسلكيات التي أعجبتني وبشدة أثناء صومي لرمضان في جمهورية مصر العربية هي ظاهرة إنتشار روح العطاء والإحسان على الفقراء والمعوزين بشكل كبير،  فالفقير في مصر لن يتذرع بفقره عن تأدية هذه الفريضة لأن أيادي المحسنين ستصله لا محالة؛ لذلك يعتبر  (بضم الياء)المجتمع المصري من أكثر المجتمعات المسلمة محافظة على فريضة الصيام مقارنة مع غيره، وليس أدل على كلامي هذا من انتشار موائد الرحمن التي تهتم بإفطار الصائم في الطرقات والأحياء.
وكذلك أيضا من ضمن المسلكيات الرائعة والعظيمة التي تنتشر في المجتمع المصري خلال هذا الشهر الكريم هي: روح المحبة والتسامح وتبادل التهاني بقدومه (أي شهر رمضان)، وكأن الجميع قد فهم واستوعب أن هذا الشهر هو نفحة من النفحات الإلهية التي يندر تكرارها في العمر كثير؛ لذلك على المرء أن يستغلها أحسن استغلال.

وفي الأخير أسأل من ربي عز وجل أن يبلغنا هذا الشهر الكريم وأن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يحفظ لنا أوطاننا جميعا إنه ولي ذلك والقادر عليه.


أخوكم: 

محمد الشنقيطي 
رئيس إتحاد الطلبة الموريتانين بمصر وباحث متخصص في الشأن الإفريقي 

شارك الموضوع:

Related Posts
التعليقات