يمتلك الصومال أطول حدود بحرية في إفريقيا، تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر كحدود شاطئية مع عمق ثلاثمائة وسبعين كيلو مترا في المياه الإقليمية، وبموقع حيوي مطل علي المحيط الهندي وخليج عدن ومدخل البحر الأحمر .
فقط إذا أردت أن تعرف تاريخ الصومال وقراءة جذوره التاريخية فما عليك إلا البحث عن كهوف هرجيسيا والتمتع بالرسوم المنقوشه علي جدرانها، إنها حقا قصة الصومال المنسية
إن تاريخ أمة الصومال لا يختلف كثيرا عن تاريخ بقية الأمم، وحركته هي جزء ليس بالقليل من حركة تاريخ العالم، إلا أن الفارق أن الصراع في الصومال هو صراع علي مسائل مصيرية.
والصراع في القرن الإفريقي ليس وليد اليوم، ولم يبدأ كما يظن البعض بعد الانقلاب علي (سياد بري) لكن بحق كان مرتعا للحروب والاضطرابات لسنين طويلة، يفصل بينها فاصل زمني قصير من الأمن والاستقرار.
وفي بلد مثل الصومال ليس مستغربا أن يحمل نصف رؤسائه صفة الرئيس المؤقت، أو أن تمر بضع سنين ودولة الصومال بدون رئيس يحكمها، فمن المعروف أن أول من حكمها بعد الاستقلال عام 1960 هو الرئيس “آدم عبدلله عثمان” مؤقتا لعام واحد، ثم أعيد انتخابه لست سنوات أخري اتسمت بالديمقراطية والتعددية الحزبية.
وفي عام 1967هزم الرئيس آدم في الانتخابات أمام “عبد الرشيد شرماركي” الذي اغتيل بعد عامين من توليه مقاليد الحكم علي يد حارسه في عام 1969، وكانت فترته مثالا حيا للفوضي، التي شملت كل أرجاء البلاد.
وفي أكتوبر 1969 نفذ” محمد سياد بري “انقلابا عسكريا حكم بعده الصومال حكما مستقرا حتي تورط في حرب مع إثيوبيا في عام 1978ليستعيد إقليم أوجادين (المغتصب) إلا أنه خسر الحرب، بعد تدخل ضده من الدول الكبرى، ولم تستقر الصومال بعدها حتي انفجرت الثورة القبلية في عام 1990، والذي اضطر ” بري ” بعدها للهروب إلي كينيا ثم نيجيريا ؛حيث مات هناك .
وفي عام 1991، تولي مقاليد الحكم “علي مهدى محمد ” بعد مؤتمر المصالحة الوطنية في جيبوتي ،إلا أنه سرعان ما واجه ” محمد فارح عيديد” في حرب أهليه أطاحت بكل سبل الأمان والاستقرار في الصومال ، وبعدها اختفت السلطه المركزية في البلاد حتي انتخب الرئيس “عبد القاسم صلاد” علي الرغم من اعتراض أمراء الحرب في الصومال عليه ، وتلاه “عبدلله يوسف ” في عام 2004، والذي خاض مواجهات مع المحاكم الإسلامية وبعد أن فشل في تحقيق الاستقرار في البلاد قدم استقالته في عام 2008، لتبدأ الصومال من بعده في عهد المحاكم الإسلامية بقيادة ” شريف شيخ أحمد “الذي أصبح رئيسا في عام 2009، وسرعان ما تحول من حليف لأصحاب الفكرة الإسلامية إلي عدو لهم
الصومال إلي حد ما تشبه العراق وأفغانستان من ناحية التكوين العشائري ، ولكن ليس بشكل كامل فالصوماليون الغالبية العظمي إن لم يكن كلهم مسلمون يتبعون المذهب السني الوسطي المعتدل مذهب أهل السنة والجماعة ، لكن يشبهه في الصراع الداخلي مع التدخل الأجنبي، فلم تعش الصومال فترة هدوء منذ زمن طويل، والشعب الصومالي اعتاد الحروب وسماع دوي الرصاص والمدافع ، وأغلب الشعب مسلح تسليحا ضروريا, وإن كان الصراع في الصومال ليس صراع أفكار, فهو بالتأكيد صراع علي السلطة , وهذا ما يعقد الأمور .
لقد حان الوقت لينعم الصومال بالاستقرار, فهذه الصراعات دائما ما ينتج عنها تشريد عدد كبير من السكان، فيضطرون للنزوح من بلادهم واللجوء إلي دول مجاورة قد لا تستطيع توفير القوت الضروري لهم , ومن هنا تتدخل بعض منظمات الإغاثه الإنسانية تحت شعار رعاية اللاجئين, فتعمل علي اغتيال وتغيير عقيدتهم في أغلب الأحوال, وكم من انتهاكات ارتكبت في معسكرات اللجوء.
إن الأمة الصومالية مهزومة ذاتيا، ولا تستطيع رؤية جوانب القوة الكامنة فيها مع حساب احتمالات الانتصار في مواقف مختلفة .
رؤيتي
- يجب أن يشعر الصومالي بأنه يعيش علي أرضه بغض النظر عن أي انتماءات عشائرية
- يجب أن يشعر بأنه يستحق أن يعيش في بلد حر موحد , بلد يختار بنفسه نظام حكمه الذي لا يمكن معه أن يقوم صراع علي السلطة
- يجب أن يتفوق الانتماء إلي الوطن علي الانتماء إلي قبيلة أو فصيلة عسكرية
وهذا يتأتي من :
- يجب أن يكون الحل عربيا خالصا (بحيث أن لا يكون هناك أي تدخل أجنبي يعكر صفو المفاوضات من حيث الرؤي المختلفه وحساب المصالح).
- أن تختلف الرؤية العربية للصومال من بلد عضو في جامعة الدول العربية إلي بلد هو في الحقيقة جزء من نسيجها الثقافي والاجتماعي والحضاري قبل أن تكون جزءا له امتداد سياسي نستدعيه ونستشعره وقتما نشاء
- احتضان شباب صومالي “من مختلف القبائل ” من خلال تثقيفهم وإلحاقهم بالجامعات العربية وإيجاد وسيلة تواصل دائمة بعد التخرج ” كبيوت شباب صومالية موحدة بجميع الدول العربية تشمل رسالة واحدة ومنهج واحد”.
- قبل كل ذلك يجب أن تحمل الدول العربية مشروعا موحدا تجاه الصومال تستلم فيه الراية بديلا عن عدو أصبح يعبث في البيت الصومالي من الداخل.
- كشعوب ومتخصصين أساتذة وباحثين يجب أن نري الصورة مشرقة لكي نحملها إلي أهلنا وضاءة وبراقة، فالذي جعل أوروبا تنهض بعد سفك دم ما يقرب من 60 مليون ما بين قتيل وجريح وهم لا يحملون قيما مثل قيمنا ولا لغه مشتركة أو دينا يجمعهم أو حتي حدود متماسكة وعلي الرغم من ذلك قامت نهضتهم بفعل الإرادة ورغبتهم في تغيير الواقع, ولا ننسي دائما أن النهضه في أوروبا ” بعد عامل العلم قامت علي أكتاف النساء في المصانع بعدما أكلت الحرب أجساد أزواجهم, وهذا ما يجعلني دائما أري الصورة مشرقة , فيوما ما سيكره الصوماليون الحرب والقتال كما كرهه الأوروبيون وستتحول الصومال إالي جنة خضراء.
- العامل الاقتصادي يجب أن يكون علي أولويات أجندة الدول العربية لكي تصل الرسالة إلي كل مواطن صومالي، فبناء المدارس لا يجب أن يكون كما كان في السابق بالجهود الذاتية، ولكن بمساهمة مشتركة من الدول العربية، باختصار أن تتحمل الدول العربية مشروع النهضة الصومالية في جميع المجالات علي أكتافها ” في التعليم والصحة وبناء المؤسسات ودعم الصومال بالكوادر من أجل بناء ” الإدارة الحكومية “وحينها فقط ستتسابق الأجزاء الصومالية المنفصلة إلي الرجوع إلي الجسد “الأم الكبير “
- واجب الوقت هو “أن تكون الجيوش العربية هي حامية المرحلة الانتقالية بديلا عن الجيوش الأجنبية، وأن تتواجد بكل مؤسسة لحفظ الأمن ولشعور المواطن الصومالي بالدفئ مع أخيه الجندي العربي بديلا عن إحساس الصومالي بالغربة في بلده جراء تواجد قوات ليسوا منه وليس منهم “قوات أجنبيه “